حجم الخط

بما إنه

3/6/2011 10:32 pm

كتب:

لو كنت واحدا من «ائتلاف ثورة الخامس والعشرين من يناير» لاخترت على الفور ومن دون أدني تردد أو قلق الدكتور علاء الأسواني متحدثا رسميا باسم الثورة، فقد أثبت الرجل وبالدليل القاطع ليلة الخميس الماضي أن «سلطان الكلمة» أقوي من «كلمة السلطان».
والتعبير السابق ليس من عندي، لكنه من منحوتات أستاذنا الكبير الراحل العم كامل زهيري، ذلك الرجل العظيم الذي لم أشعر بمدي حاجتنا إلى  حضوره بيننا الآن مثلما شعرت به، خلال تلك الفترة التي غامت فيها الرؤي والتبست فيها الحقائق، وما أعنيه تحديدا هو تلك الفترة القصيرة التي سبقت استقالة الفريق أحمد شفيق، أو إجباره على الاستقالة إن شئت الدقة.
غاب عمنا الكبير كامل زهيري، وحضر علاء الأسواني على قناة «أون تي في» لتتحول تلك السهرة التي أدارها باقتدار يسري فودة وريم ماجد، وشارك فيها الإعلامي الكبير حمدي قنديل ورجل الأعمال نجيب ساويرس إلى  محاكمة سياسية بامتياز، ليس فقط لرئيس وزراء مصر السابق، وإنما لتلك الذهنية التي ظلت تحكم مصر على مدي أكثر من ثلاثين عاماً.
ويحار المرء كثيراً من تلك الحملة الشعواء التي يشنها لوبي أصحاب المصالح من منتفعي النظام السابق على كاتبنا الكبير بعد حلقة الأربعاء الماضي عبر شبكة الإنترنت، واعتباره «تجاوز حدود اللياقة» في الحديث مع رئيس وزراء مصر، فقد تابعت الحلقة من أولها حتى  آخرها، وشاهدتها مرة أخري كاملة في صباح اليوم التالي ـ من فرط إعجابي بها ـ وأشهد الله أن الأسواني لم يتجاوز في كلمة، و لم يصدر عنه ولو بالإشارة أو التلميح ما يشي بنية مبيتة، لما اعتبره هؤلاء تجاوزا لحدود اللياقة مع موظف عام بدرجة رئيس وزراء.
فقط كل ما فعله الأسواني ـ وربما كان ذلك هو السبب الرئيسي في غضب البعض ـ هو أنه وضع السيد أحمد شفيق في مواجهة مسئوليات تنصل منها، رغم أنها جزء أصيل من مهام عمله كرئيس للوزراء، وكشف على نحو لا يدعو لشك أو ريبة موقفه الشخصي من ثورة 25 يناير، ومطالبها المشروعة التي ظل طوال فترة وزارته القصيرة يتجاهل تنفيذها أو يتهرب منها إذا ما افترضنا حسن النية.
ما فعله الأسواني في حقيقة الأمر لم يكن سوي أنه رفع ذلك القناع الذي ظل السيد أحمد شفيق مختبئا خلفه لأكثر من ثلاثين يوماً، عانت خلالها مصر حالة من أبشع حالات الانفلات الأمني التي لم تشهدها خلال الأيام الأولي للثورة، وهربت فيها مليارات الدولارات خارج البلاد، وسالت فيها دماء عشرات المصريين في الشوارع والطرقات تحت وقع سيوف البلطجية.
ألا يكفي ذلك وحده لأن يتواري هؤلاء المتباكون على «ملك البنبون» خجلا، وأن يقدم السيد شفيق إلى  المحاكمة ليلحق برفاقه من أركان النظام السابق، بدلاً من البكاء على استقالته التي جاءت بطلوع الروح؟
حيوا معي أديبنا الكبير الجسور الدكتور علاء الأسواني.

كاريكاتير

بحث