حجم الخط

الفرد والتاريخ

1/18/2011 10:50 am

كتب:

يختلف الناس حول دور الفرد في التاريخ فيذهب بعضهم إلى أنه دور «معدوم» حيث المسئولية تقع على المؤسسات ويري البعض أنه دور «محدود» وفقاً للظروف والأوضاع من جهة وقدرات الرجل الفرد على الرؤية والاستشراف وما يتحلي به من إرادة في مواجهة المصاعب وعلاقاته بشعبه والجوار والعالم من جهة أخري. أما الشخصيات التاريخية التي يعترف الجميع باستثناء نفر له أجندته أو أغراضه الخاصة - بأنها تركت بصمة لا تمحي ولعبت دوراً من أدوار البطولة في حقبتها الزمنية، بل قد تمتد هذه الأدوار إلى ما بعد رحيلها بسنين أو عقود أو قرون، فهي قليلة نسبياً، ومنها الزعيم الخالد جمال عبدالناصر الذي عاش من أجل أمته واستشهد في سبيلها.. عاش مدافعاً عن الحق والحرية، ليس لأمته فقط، بل لكل شعوب العالم المتطلعة إلى الحرية ولذا توجته الملايين على عرش قلوبها.. ظلت المعاني التي ناضل في سبيلها، ومعه الشعب، بعزيمة أسطورية في الضمير الجمعي للمتمسكين بكرامتهم تمسكهم بالحياة وأكثر.. بقيت صورته في الوجدان بشموخه النابع عن وعيه بمكانة وقدر البلد الذي ينتمي إليه والأمة التي يعبر عنها.. كان الصدق طريقه إلى الأفئدة والعقول وهو ما آمن به الشعب وهو ما يفسر إلى حد بعيد فشل الحملات الشرسة الخبيثة التي تسترت خلف «أخطاء؟!» عبدالناصر لتجعلنا «نكفر» بكل ما نادي به، ولتدفعنا إلى هوّة اليأس من نيل حقوقنا وعدم التفريط فيما استعدناه منها، ولكي نرضي «بقليله» مما يجود به العدو ومن يساندونه من «تنازلات؟» حملات تستخدم نفس مفردات الأعداء وقفز الذين «تولوا» المهمة إلى كراسي متنوعة بعضها في مناصب رفيعة والآخر في أماكن مؤثرة وتوهموا ومن هم في الخارج، أن «الثمرة» باتت ناضجة وحان قطافها وأنهّم نجحوا - وبئس النجاح - في «رسالة» غسيل مخ العرب والمصريين خصوصاً من مفردات حلم عبدالناصر ومشروعه.. ولكن كما نقول: لا يصحّ إلا الصحيح.. فالواقع الذي تعيشه الأمة العربية «بحكمة؟!» قادتها أوصلنا إلى حد الكابوس الذي نعيشه الآن كما انفضح أمر «الحلفاء» الذين كان عبدالناصر، عن رؤية ثاقبة وبعيدة متفردة، يشير إليهم بأنهم سبب كل مصائبنا وعذاباتنا ونهب ثرواتنا وفتننا الطائفية والعرقية وإنهاكنا واستنزافنا بزرع عدو، يموت إذا توقف عن قتلنا واغتصاب أراضينا.. لقد خضعت المنطقة إلى النفوذ الأمريكي في كل شيء.. المجال الاقتصادي والسياسي والاجتماعي ومع ذلك لم ترض عن الحكام فجاءت وزيرة الخارجية إلى قطر «لتُسْتِف» القادة العرب وتقول لهم بلسان ولي الأمر أو الباب العالي أو المندوب السامي: شعوبكم سئمت المؤسسات الفاسدة والسياسات الراكدة.. لم يرتفع صوت احتجاج من أي من هؤلاء الذين يطالبون «بوأد» المرأة ويجلدونها في الميادين العامة، مع أن الذي يلقي عليهم الدروس وكيفية حكم الشعوب هي امرأة.. الفرق أنها «أمريكية!».. أتابع «الكابوس» الذي تعيشه المنطقة تحت مظلة «الراعي النزيه» وأتذكر بحسرة كيف كنا، في الحقبة الناصرية وكأن الله يوم الخامس عشر من يناير عام 1918 كان يدخر لمصر والأمة العربية، زعيماً تضارع قامته وهيبته أعظم قادة التاريخ، الذي يلقي سلة مهملاته بمئات آلاف الأسماء ممن توالوا على حكم العالم، ويحتفظ في أنصع سجلاته بالعظماء وكما قال مرة رئيس وزراء يمني سابق «لقد كان عبدالناصر بالنسبة لنا ليلة القدر» التي لم نعرف قيمتها إلا بعد ما مرت.. مر عبدالناصر علينا وتكالبت عليه وعلي مشروعه الحلم كل قوي الشر في العالم في الداخل والخارج، ولكنه حفر الحلم في قلوبنا وتحقيق هذا الحلم لن يكون بمعركة واحدة وقد أوصانا بالصمود.. يوم ميلاد عبدالناصر أعاد إلى قلبي المفعم بالأسي في هذه الأيام، نسمة أمل.. لأنه وُلد كي لا يموت.. فمليون وردة لك يا حبيب الملايين.. يا ليلة القدر.. في ذكري ميلادك.

كاريكاتير

بحث