حجم الخط

عكس الريح

3/27/2011 9:46 pm

كتب:

الآن فقط اكتشف المستشار جودت الملط أن هناك نيابة عامة في مصر يمكن أن يقدم لها بلاغات عن حالات فساد وإهدار مال عام وتجاوزات خطيرة اصفرت أوراقها نتيجة حبسها داخل الأدراج كان يكتفي سيادة المستشار بعرض القليل منها على مجلس الشعب ثم تعود لمحبسها من جديد إلى جانب حالات أخري كان يتعمد الملط عدم الإفراج عنها بأي شكل من الأشكال.

ولا أعرف هل كان رئيس الجهاز الرقابي الأهم في مصر يحتاج إلى ثورة شعب لكي يعلن عن نقطة من بحر الفساد في مصر الذي اكتشفنا عمقه بعد سقوط نظام مبارك وهل أيضا كان بحاجة لثورة عارمة من العاملين بالجهاز الذين فاض بهم الكيل وأخرجت الثورة احتجاجاتهم المكتومة خارج أسوار مقر الجهاز واصطفوا في مظاهرات واعتصامات ينتقدون أداء الجهاز خلال السنوات الماضية الذي لم يقم بدوره في مواجهة الفساد كما صور لنا على مدي الاثني عشر عاما الماضية ذلك الجهاز الذي كان ينظر إليه في العهد السابق باعتباره بقعة الضوء الوحيدة وسط ظلمة الفساد الحالكة والذي صدقنا أنه أنشئ ليحمي المال العام ويعاون البرلمان في ممارسة دوره الرقابي ثم نكتشف أن الجهاز مجرد شكل ديكوري أكثر منه فاعل تماما مثل الأحزاب الورقية في مصر التي كانت تجمل شكل النظام السابق بتمثيل دور المعارضة في المشهد السياسي.

هؤلاء المنتقدون الذين انتفضوا ضد فساد الجهاز وتقاعسه عن إعلاء كلمة الحق وقد أطلقوا على أنفسهم "رقابيون ضد الفساد" كان يجب الإنصات لهم باعتبارهم الأكثر قدرة على الحكم على الملط لأنهم من داخل دولاب العمل وتعاملوا مع رئيسه عن قرب وهم من حرروا التقارير الرقابية بعد إجراء التحقيقات التي قد يكون الملط كلفهم بها وهاهم يؤكدون أن الجهاز فشل في أداء دوره وأن المستشار تعمد سحب صلاحيات رؤساء القطاعات ووكلاء الجهاز واحتفظ بها بنفسه حتي لا يتم الإبلاغ عن مخالفات كبيرة أو عن مسئولين كبار إلا عن طريقه.

ورغم مطالبة "رقابيون ضد الفساد" لوقت ليس بالقصير بأن يبادر الملط على الفور بإبلاغ النيابة العامة بحالات الفساد العديدة التي توجد تقاريرها بمكتبه منذ سنوات وأن يطلق يد إدارات الجهاز المختلفة لفتح ملفات الفساد التي سيق وأغلقها للحساسية السياسية إلا أن رئيس الجهاز الذي حظي باعتذار على الهواء من رئيس الوزراء الدكتور عصام شرف تجاهل كل هذه الأصوات المحتجة ليقول كنت سأكشف للبرلمان عن تقارير خطيرة لولا أحداث الثورة والغريب أنه لازال يعتبر أن ما أعلن عنه منذ أيام من تقارير عن فساد أحمد عز قضايا خطيرة.

هي بالفعل خطيرة وكان يمكن أن نعتبرها كذلك لو أعلنت تلك التقارير في وقتها وليس الآن.

كاريكاتير

بحث