أخر الزمن |
|
محمد الخولي |
قدمت الإذاعة البريطانية في الأسبوع الماضي تحقيقا سياسيا حول التيار الديني في مصر.. حاورت المذيعة مواطنا مصراويا قالت أو قال إنه ينتمي إلى ما يسمى جماعة السلفيين. انتقد الأخ المذكور أعلاه ما وصفه بأنه أخطاء جماعة الإخوان المسلمين.. ـ لماذا يا مولانا؟** أجاب المواطن إياه دون أن يطرف له رمش:ـ لأنهم يحلقون اللحية!عاودت المذيعة الحوار تسأله: هل كنت تتردد على ميدان التحرير خلال وقائع وأحداث ثورة يناير؟ أجاب سيادته بالنفي..
في مقال منشور مؤخرا، حاول الأستاذ صلاح منتصر أن يعقد مقارنة بين لحظة تنحي الزعيم عبدالناصر وبين خطاب التنحي للمواطن حسني مبارك. ورغم أن الأستاذ منتصر حاول أن ينتصر لعبدالناصر لمجرد أنه ألقى الخطاب جالسا وبصوت متهدج.. فنحن نقول إن المقارنة، مجرد المقارنة، لا تجوز مبدئيا بين ناصر ومن سواه من حكام مصر.. وقد فات السيد منتصر أن يسجل الحدث الأهم وهو خروج ملايين الناس من جماهير الوطن العربي من الخليج إلى المحيط.. ترفض تنحي عبدالناصر..
(1) إلى حكومة "شرف" ** كم كانت سديدة وموفقة تلك الخطوة التي استهللت بها إطلالة حكومتك على ما يدور خارج الحدود.. فكانت زيارتك إلى السودان الشقيق. لكن في نفس الإطار لابد وأن نضيف اقتراحا نتصور أنه جوهري في هذه المرحلة بالذات وهو: * إنشاء منصب وزير الدولة للشئون الإفريقية بحيث يكون مسئولا عن قضايا التعامل مع القارة من النواحي السياسية والاقتصادية بالذات بما في ذلك بداهة
** منذ أكثر من عام.. حذرنا في هذا المكان من الانسياق وراء إغراءات الطاقة النووية.. ولم يكن في التحذير مصادرة علي أهمية استخدام هذه الطاقة الفريدة بكل إمكاناتها الجبارة بالنسبة لمخططات التنمية ولكن جاء التحذير من منطلق ما كنا نلمسه ونعايشه في تلك الفترة الممقوتة من إهمال جسيم يبلغ حد الخيانة العظمي في إدارة شئون الدولة وترشيد استخدام إمكاناتها ومرافقها بعد أن احتكرت هذه الإمكانات والموارد طغمة الحواشي والأتباع والجلاوزة والأزلام (التعبيرات والمصطلحات
هبر المليارات وسرقة واستحلال أراضي الوطن لصالح مماليك النظام المنقضي تمثل في التحليل الأخير جرائم سرقة واستغلال نفوذ وخراب ذمة يعاقب عليها قانون العقوبات تماما كما يعاقب حرامي الغسيل ولص الفراخ وعصابات الهجامة من قاطعي الطريق. نقولها لكي نؤكد أن ثمة جريمة قائمة بذاتها.. اسمها تزويد العدو الإسرائيلي الصهيوني بالغاز الطبيعي من موارد مصر الوطنية.. هذه جريمة ترقى إلى مصاف الخيانة العظمى لأنها تشكل فعلا جنائيا
* تحولت ليبيا الشقيقة المناضلة إلى حمامات دماء وساحة جحيم خلال الصراع المندلع بين قوى المعارضة الوطنية وبين النظام الحكام، أو الذي كان حاكما في طرابلس الغرب.. والويل لكل المناضلين حين يعارضون نظاما يصدق عليه وصف المخبول والمسعور. وكم يأسى المرء (كاتب السطور بالذات) حين يستعيد ذكرى أيام وسنوات فاتت من شرخ الشباب.. كان لنا فيها حظ المشاركة رسميا
** أروع الدروس المستفادة من سلوك النبي عليه السلام هو درس الانضباط في حالتي النصر والأزمة على السواء.. بعد انتصار "بدر" أرسل النبي عبارته الرائعة قائلا: عدنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر.. وبعد هزيمة "أحد" حرص النبي على دفن الشهداء ومواساة الجرحى ثم وقف وسط جموع المسلمين يقول: ـ اصطفّوا.. فنثني على الله
> كما عودنا السيد مبارك وأعمدة نظامه، يظل سلوكهم وقراراتهم وحتى أسلوبهم في التفكير وإدارة الأزمات، وقد انطبق عليه المثل الإنجليزي المتواتر (Too little, too late) بمعني ضيق الأفق وقلة الحيلة وضحالة الخيال ومحدودية الرؤية فما بالك بالتصرف ـ إن فعلوا ـ في اللحظة الأخيرة وربما بعد فوات الأوان
في الأسبوع الماضي دخل في قاموس العلوم السياسية مصطلح اسمه "التوْنسة" ويفيد بداهة حركة الشارع.. أو انتفاضة الشعب التي انطلقت من واقع غضبة جماهير الناس الذين تحركوا بعد أن لم يعد الصبر ولا عاد الصمت ممكنا كما قال المفكر "بول جارودي" في يوم من الأيام. ونحمد الله أن لم تجد تونس من تَوّلى أمر تسفيه ثورتها على نحو ما تشدق به المرحوم أنور السادات حين خلع على انتفاضة المصريين الشعبية في مثل هذه الأيام منذ 34 عاما وصف "انتفاضة الحرامية".
ثم ماذا بعد؟ هذا هو السؤال المفروض أن يطرحه كل المهمومين بأمر هذا الوطن. ماذا بعد لقاءات اللحَى الرصينة والعمائم الشاهقة البياض والقلانس الكنسية المهيبة السواد؟ لم يعد في القوس منزع كما يقولون: غناء وأهازيج.. أنشدنا وزيادة. غزل صريح وغير صريح في حكاية الوحدة الوطنية بُحنا به وأرسلنا في سبيله كل قصائد المديح.