حجم الخط

تاريخ مصر الذي يكتب الآن

3/7/2011 2:36 am

كتب:

الآن وفي تلك اللحظة التي أكتب فيها هذه الأسطر هناك تاريخ مصري جديد يكتب.. اليوم الجمعة 4 مارس 2011 يوم سيذكره التاريخ المصري طويلا..
فاليوم لأول مرة في تاريخ مصر الحديث يأتي رئيس حكومة، بإرادة الجماهير ويستمد شرعيته منهم.. اليوم وقف رئيس الوزراء الجديد د.عصام شرف بين الثوار في ميدان التحرير وأعلن انحيازه لمطالب الثورة..
كنت قد اندهشت عندما عرفت أن شباب الثورة 25 يناير طلبوا من شرف، فور تكليفه بتشكيل حكومة جديدة.. أن يذهب إلى حيث يعتصمون بميدان التحرير ويلتقي بهم.. ليعطيهم تأكيدا إنه سيحقق مطالبهم.. تصورت أن الوزير لن يوافق، لكن زاد من دهشتي أن الوزير رحب وذهب وتحدث إليهم، وعاهدهم أن يلبي مطالب الثورة، كما عاهدهم إن لم يستطع سيعود إلى الميدان ويعلن تنحيه..
هكذا وفي لحظة فارقة سطّر الوزير د.عصام شرف تاريخا جديدا لنفسه كأول وزير يستمد شرعيته من الجماهير.. كما سطر الثوار تاريخا جديدا لمصر بكاملها.. تاريخا يؤكد أن إرادة الشعوب لا يمكن أن يعوقها شيء..
وفي تلك اللحظات الفارقة لابد من تسجيل احترامي وتقديري وامتناني لقواتنا المسلحة، وللمجلس الأعلي للقوات المسلحة، حصن حماية مصر وشعبها الأول والأخير.. فالقوات المسلحة هي التي ساندت الثورة، وانحازت لمطالبها..
لهذا ندعو قواتنا الباسلة أن تكمل دورها الوطني، دورها الذي تأمله جماهير الثورة، الجماهير الذين وضعوا أرواحهم على أكفهم، والذين دفعوا دمائهم وأرواحهم في سبيل تطهير مصر وترابها من الخونة والعملاء والفاسدين.. ومصر وشعبها الصابر يستحق ذلك بجدارة..
فمن ناحية تتطلع جموع الشعب إلى وقوف المجلس الأعلي للقوات المسلحة بجوار رئيس الحكومة ومساندته في تشكيل حكومة (تكنوقراط) بعيدة الصلة عن الأحزاب وبخاصة الحزب الوطني الذي خرب مصر على مدار ثلاثين سنة.. حكومة ترقي إلى طموح وآمال الشعب الذي يأمل خيرا في رئيس الحكومة الجديد.. والذي نطالبه أن يستقيل إذا ما حجبت عنه الصلاحيات، لينحاز للجماهير الذي استمد شرعيته منها..
كما نتمني أن يحتفظ رئيس الحكومة أثناء تشكيل حكومته بثلاثة وزراء من التشكيل السابق هم: د.جودة عبد الخالق وزير التضامن الاجتماعي، ود.سمير رضوان وزيراً للمالية، ود.أحمد جمال الدين موسي وزير التربية والتعليم والتعليم العالي، لتميزهم ولانتمائهم (للتكنوقراط)..
كذلك تتطلع الجماهير إلى إعداد دستور جديد للبلاد يليق بمصر بعيدا عن هذا الدستور المليء بالمواد المتناقضة، والذي مازال يعطي سلطات كثيرة لرئيس الجمهورية، والذي تتناقض بعض مواده مع الدساتير والمواثيق العالمية لحقوق الإنسان.. ويمكن في هذا السياق الاسترشاد بالدساتير المصرية التي حظيت بالتقدير ومنها دستور 1923 فيما عدا السلطات الكبيرة التي كان يمنحها للحاكم وقتها (الملك)..
كذلك مطلوب وضع حد زمني لإيقاف العمل بقانون الطواريء.. الذي منح جهاز الشرطة الكثير من السلطات المطلقة، والتي نعاني منها الآن..
أما الأولوية في مهام د.شرف وبمساند المجلس الأعلي للقوات المسلحة فهو تحقيق الأمن والأمان للشارع المصري، الذي عاني الكثير خلال الأيام الماضية.. وبالطبع لم ولن يمكن تحقيقه الأمن والأمان للشارع المصري إلا إذا تم التحقيق في الجرائم الأمنية التي حدثت خلال أيام الثورة، كذلك لابد من محاسبة كل المتسببين في الغياب الأمني، والمتسببين في إخفاء الأدلة التي تدين المتورطين في قضايا الفساد، وما حدث اليوم من حرق وفرم أوراق في جهاز أمن الدولة لهو أكبر دليل على ذلك.. كذلك لابد من توقيع أقصي عقوبة ممكنه على كل من يحاول إفساد أو حرق أماكن أو مستندات هي ملك للشعب المصري، لأنها مستندات تدين الفاسدين والخونة.. ومنها محاولة إحراق الجهاز المركزي للمحاسبات الذي اضطر رئيسه المستشار جودت الملط لإغلاقه إلى أجل غير مسمي.. إن محاسبة من كل من أهدر دم الثوار ومن روع الآمنين ومن غيب الأمن عن الشارع المصري هو السطر الأول في تاريخ مصر الجديد، ذلك التاريخ الذي سيعيد مصر وشعبها للمكانة التي تليق به..

كاريكاتير

بحث