التوقيت الذي أعلن فيه صديقي عبدالله السناوي ترك رئاسة تحرير جريدة العربي حرج جدا، فالرجل يترك الجريدة والدنيا من حولها تمور، وبدلا من أن تحتفل الجريدة بنصرها ويحتفل بها الآخرون باعتبارها الجريدة الرائدة التي انفردت بفضله هو وصحبه ببدء حملة مقاومة توريث الحكم لفسل الرئيس المخلوع حسني مبارك، الابن ثقيل الظل جمال مبارك، ورفعت بفضل جسارته هو وصحبه سقف الثورة والتمرد ضد النظام إلى أعلى مدي، وبدلا من أن يتلقي هو وصحبه
عرضت جريدة العربي بتاريخ 3/6 /2011 لكتاب عن الرئيس السابق حسني مبارك وصادر عن دار نشر «تشسي هاوس» الأمريكية، وفي الكتاب كان هناك سؤال وكانت هناك إجابة، سؤال يلاصق علامة استفهام تحوم حول أسباب اختيار السادات لمبارك.. نائباً، وإجابة يسوقها المؤلف بأسبابها، ولكنني أري.. أنها إجابة لا تصمد ـ وبإحالة الأسباب ـ في جدل المحاورة وتترك علامة الاستفهام معلقة وتستبقي السؤال مفتوحاً على إجابات أخري.. وإحداها إجابتي باجتهاد الأسباب.
في ظني ـ بمعني اليقين ـ أن حديث الأستاذ هيكل إلى قناة ON.TV في لقائه مع الفنان عمرو واكد هو حديث في غاية الأهمية لما طرحه في هذا الحوار من موضوعات تحدث فيها بصراحة ووضع النقاط على الحروف في وقت تمر فيه مصر بواحدة من أهم مراحل تاريخها بعد قيام ثورة 25 يناير. وقد حرصت ـ كملايين غيري ـ أن أستمع وأن أستعيد ما سمعت عندما أعيد بث اللقاء.. ولست في قولي هذا أتزلف لشخص الأستاذ فالنفاق لا يكون إلى لحاجة
يمكننا أن نقول بكل ثقة إنه رغم الخسائر التى لحقت بالدول العربية التى أسقطت نظمها الاستبدادية، والمتمثلة فى أرواح الشهداء والخسائر الاقتصادية، إلا أن المكاسب الناشئة عن تلك الثورات فى المدى البعيد أكبر بكثير من الخسائر. فالمكاسب المتمثلة بإقامة نظم ديمقراطية، ووقف نهب ثروات الوطن، وتوجيهها لصالح الشعوب، تجعل من الخسائر فى المدى القصير ثمنا يمكن احتماله بشرط بذل جهد مكثف ودءوب للتحول السريع نحو "جنى الأرباح".
فى خضم الفرحة بانتصار الثورة، والزهو بالوطنية المصرية، وتحليل عناصر نجاحها، والتبصرة بتحدياتها، والتنبيه على المخاطر التى تواجهها، يبدأ التحذير من خطر الشقاق. وبعد أن نشبت فى تونس الشرارة، والثورة فى مصر، وتوالت الثورات الشعبية فى ليبيا واليمن والبحرين، والمظاهرات فى الأردن والعراق والمغرب والجزائر وعمان، وبدأ الحكام يعون متطلبات الشعوب، ويقدمون برامج إصلاحية، وبعد أن أصبحت الثورات العربية الحديثة
ربما يعتقد البعض أن من المبكر طرح هذا السؤال، فرأس النظام أطيح به من 45 يوماً فقط، ولم يتح لوزارة شرف والمجلس العسكري الوقت الكافي لالتقاط الأنفاس واستكمال تحقيق أهداف الثورة التي بلورها الثوار في ربوع المحروسة خلال 23 يوماً هي عمر الانفجار الثوري. يقول هؤلاء إن الحكم انشغل باستحقاقات استعادة دور الشرطة وإدارة البلاد وتأمين احتياجاتها، واجراءات التعديل الدستوري وحالة الاستقطاب التي ترافقت مع الاستفتاء
في أمريكا.. وقف الرئيس الأمريكي بيل كلينتون.. وهو في قمة السلطة.. والتألق السياسي.. أمام القضاة في محاكمة أذيعت على الهواء مباشرة.. بسبب قبلات طبعها فوق أجزاء متفرقة من جسد متدربة في البيت الأبيض اسمها.. مونيكا لوينسكي! وكاد كلينتون يفقد موقعه الرئاسي بسبب هذه الممارسات.. التي تعد في ديننا الإسلامي.. من الكبائر رغم أن المادة الثانية من الدستور
هل انتهت الثورة أم انتهينا مع الثورة؟ أي شرعية تحكمنا الآن؟ هل هي الشرعية الثورية أم شرعية قهر المظاهرات والاحتجاجات القائمة ضد فساد لوثنا أكثر من ثلاثين عاماً؟ هل تم إلغاء قانون الطوارئ ليحل بدلاً منه قانون تجريم الاحتجاجات "الفئوية" وهي كلمة مطاطة فرغت من معناها في ظل أجواء ما نعايشه من ثورة مضادة أتحدى من ينكر وجودها، وبدلاً من نغمة النظام البائد عن الأجندات الخارجية والقلة المندسة أصبحت النغمة السائدة الآن هي الأيادي الخفية وفلول الوطني وكلاهما فزاعات
ينشغل الرأى العام حاليا بنتائج الاستفتاء على التعديلات الدستورية وتتعدد التحليلات عن أسباب النسبة المرتفعة للموافقين ومن وراء ذلك، ولكن الأكثر أهمية الآن تزايد مظاهر الفوضى فى المجتمع لدرجة تجعل الكثيرين يعتقدون بأنها خطة مدبرة لإجهاض الثورة أو وقف تقدمها وبالتالى يبقى الفاسدون وتتحول الثورة إلى هوجة وانتهت عمليا ونبقى نتغنى بها فقط، حيث لا نجد حكومة تحاول وقف هذا التدهور من خلال مواجهة حازمة للفوضى وحشد المواطنين معها فى ذلك بل نرى الحكومة مجرد رجل
تدور في مصر الآن وقائع جدل اجتماعي متصاعد، محوره التعديلات الدستورية التي ستشهدها البلاد يوم 19 مارس الحالي.. ومصدر هذا الجدل هو إدراك الجميع أن مسار وطننا، في السنوات المقبلة، سوف يرتبط ارتباطًا حاسمًا باتجاه هذه التعديلات، ومضمونها، وهو اتجاه ومضمون ستحدده إلى درجة كبيرة نتائج الاستفتاء الذي سيجري يوم السبت المقبل، والذي نأمل أن يكون لصالح عملية التحول الديمقراطي في البلاد، وليس خصمًا من رصيدها!